Almarsadonline
أبرز ما تناولته الصحف اليوم الأربعاء ٢٤ / ٧ / ٢٠٢٤
كتبت النهار
لا يحتاج الأمر إلى كثير انتظار لتوقع إحباط المطلب الجديد للمعارضة النيابية – السياسية بعقد جلسة مناقشة عامة لمجلس النواب في ملف الحرب، لأن فتاوى الرفض واجتهاداته جاهزة بلا أي عناء، وما ينطبق على مجريات “الصراع” البارد – الساخن بين رئيس المجلس والمعارضة في كل مجريات أزمة الفراغ الرئاسي سينسحب حتما على أي مطلب إضافي للمعارضة. والحال أن واقع الشلل الداخلي الراهن يمضي بقوة غير مسبوقة نحو تحقيق ما يتجاوز كل السوابق اللبنانية في “تراث” الصراعات وتعطيل الدولة والمؤسسات والانقسامات الطائفية في الحرب والسلم، إذ إن معايير التجربة الراهنة وملابساتها وظروفها لم تعد تقارن، ولا يمكن أن تقاس بتلك السوابق.
يقف البلد عند الهوة الساحقة التي جعلت من واقعه الدستوري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، سواء بسواء، دولة متحللة بالكامل تذهب قدما نحو التفتت القاتل. تلك المعادلة التي فرضت تحكم ميزان القوى بين فريق استأثر بطائفته وارتباطاته الإقليمية وهيمنته الساحقة على حكومة تصريف الأعمال ومجلس النواب ومعظم الأجهزة الأمنية والإدارية، واستساغ، غير مبال بالتوازنات وتركيبة لبنان التاريخية، الإمعان في تنصيب نفسه بديلا من رئاسة الجمهورية، ليبقي الجمهورية برمتها طوع أهدافه ومصالحه… تلك المعادلة أسقطت لبنان القابل للعودة دولة طبيعية في نظر العالم والمجتمع الدولي، ولم تعد العين الدولية تنظر إليه إلا من منظار التعامل مع أمر واقع قهري وقسري كدولة فاشلة تسحقها تبعية الفريق الممانع لإيران.
مرت حقبٌ سوداء كثيرة في تاريخ الوصاية السورية على لبنان كانت الدول تختصر فيها الطريق برياء وبراغماتية خبيثة في التسليم ضمنا لنظام الأسد البعثي في العبث بتوازنات لبنان وسلطاته وقراراته المصيرية. ومع أن لبنان كان ناهضا لتوّه من حرب طويلة أجهزت على كل مقوماته، فإن التسليم الدولي لدمشق بوصايتها بعد الطائف لم يفعل المفعول التدميري المخيف نفسه أو بقدر ما حصل منذ سنوات العهد العوني السابق المشؤوم ومن بعده في حقبة الفراغ الراهن، نظرا إلى الأثر المخيف الذي تركه تسليم التيار العوني لهيمنة “حزب الله” وتشريعه لكل واقع هيمنته المسلحة وارتباطاته الإقليمية. ومع أن الشعارات وأناشيد الاستقلالية الزائفة والتمايز المزعوم بين هذا التيار وذاك الحزب عادت ترتفع بعدما فشل الرئيس الوارث للتيار في إقناع قيادة الحزب بإسقاط دعمها لسليمان فرنجية، فإن الحقيقة التي لا تحتمل تزييفا وتلوينا ومراوغة تحسم بأن تحلل الدولة الزاحف الآن يعود بمعظم عوامله وأسبابه العميقة والجذرية إلى أسوأ تحالف عرفه لبنان بعد الطائف، هو تفاهم التيار العوني و”حزب الله”.
صارت “تركة” ذاك التحالف أشدّ وطأة حين استقى الثنائي الشيعي تجربة إيصال الرئيس السابق ميشال عون إلى الرئاسة بتكرار الفراغ إياه، ولكن مصوّبا هذه المرة ضد العونيين أيضا أسوة بخصوم الحزب والثنائي ومحور الممانعة. وها هي البلاد عند مشارف الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت وكأنها أمام ذكرى تحلل بقايا كل الشرعية اللبنانية وليس فقط معالم الدولة والعدالة الشهيدة وكل ما ترمز إليه هذه الكارثة المأسوية. ستمر الذكرى وتبدأ الاستعدادات للذكرى السنوية الثانية لحلول الفراغ الرئاسي ولبنان يتفرج على العالم واستحقاقاته وتقلباته وتداعياتها عليه من جهة، ويتوجس خيفة من جهة أخرى مع كل طلعة شمس من حرب تتربص به على الحدود وقتامة تاريخيّة أشد خطورة في الداخل.
لم يكن اللبنانيون يوما يفتقدون قبسا من أفق كما هم الآن مع اضمحلال أي فرصة لإعادة إحياء المسماة شرعية لبنانية… فانتظروا غير المنتظر!!