يراكم الجيش الإسرائيلي مجازره بحق الفلسطينيين في غزة، وآخرها ما حصل في المواصي بخان يونس حيث ابتعلت الرمال عائلات بكاملها على عمق تسعة أمتار، ويستبيح مدن ومخيمات الضفة الغربية في محاولة لاستكمال وعد بلفور، وراهناً ارتفعت وتيرة التهديدات للبنان ولحزب الله بالتحديد، على لسان أكثر من مسؤول سياسي وعسكري، معتبرين أن حماس كتنظيم عسكري لم تعد موجودة، وحان الوقت لترتيب الوضع على الجبهة الشمالية، وإبعاد تهديدات حزب الله إلى ما وراء الليطاني وفرض واقع جديد يؤمن عودة المستوطنين اليهود إلى منازلهم التي نزحوا عنها منذ الطلقة الأولى لحرب الإسناد.
ليل الثلاثاء-الاربعاء لم يكن مألوفاً على الجنوبيين على الرغم من اعتيادهم على الاعتداءات الإسرائيلية منذ سنوات طويلة جداً، إذ إن الغارات المكثفة والعنيفة هزّت عدداً من القرى الحدودية، وأصوات الانفجارات الضخمة ترددت في أنحاء الجنوب، فهل تبدأ إسرائيل عملية عسكرية كبرى ضد حزب الله من بوابة الجنوب، مستفيدة من لحظات الانشغال الأميركي بالانتخابات الرئاسية؟ أم بمباركة أميركية وحضور تنسيقي على أرفع مستوى عسكري؟
المعطيات حتى الساعة تكذّب ما أعلنه وزير الدفاع يوآف غالانت من أن موعد الانتهاء من غزة قد اقترب، فحماس لا تزال موجودة والانفاق تخفي المقاتلين والاسرى الإسرائيليين على حد سواء والمواجهات قائمة، من دون إغفال استهداف غلاف غزة بين الحين والآخر؛ باختصار فإن غزة تحت الأرض لا تزال تتحكم بما يجري فوق الأرض.
ثم أن عملية تلقيح الأطفال ضد الشلل أظهرت أن غزة لا تزال تختزن أبناءها، بالإضافة إلى أن الوجود الإسرائيلي على معبر فيلادلفي وحشر الفلسطينيين في مساحة ضيقة لتهجيرهم لم يفلح، وهذه المعطيات تؤكد أن الجيش الإسرائيلي لم ينهِ مهمته في غزة لا بل فشل حتى الساعة.
ومع العمليات المتكررة في الضفة الغربية خرج ضباط كبار ليحذروا من مواجهة انتفاضة ثالثة، بالإضافة إلى أن العملية على الحدود مع الأردن مهّدت لعمليات مماثلة مستقبلاً.
وترى مصادر عسكرية أن الحضور العسكري الأميركي الرفيع إلى تل أبيب يعني أن تقييم الوضع لاتخاذ القرار لم يعد إسرائيلياً فقط، مشيرة إلى أن خبيراً عسكرياً أميركياً رفيع المستوى قد حذر إسرائيل من حرب شاملة مع لبنان، لافتاً إلى أنه لن يبقى بيت واحد في المستوطنات الشمالية ليعود إليه أصحابه.
وترى المصادر أننا أمام سيناريوهين: أول وضعه رئيس الأركان هيرتسي هاليفي ويقضي بتجفيف منابع حزب الله ومصادره البشرية واللوجستية بدءاً من سوريا والعمل السوري إلى البقاع، وهذا السيناريو قيد التنفيذ ونشهد في الآونة الأخيرة اشتداداً في وتيرة تنفيذه.
وثانٍ يقوم على قول الاميركيين شيئاً وتنفيذ شيء آخر، لعدم توريث العهد الجديد مشكلة كبرى، لكن هذا السيناريو لا ينطبق على إسرائيل.
وتلفت المصادر إلى احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية من جبهة الجولان بعد إزالة الألغام من الناحية الإسرائيلية، ولكن لا شيء مؤكداً حتى الساعة، انطلاقاً من الانتقادات الإعلامية الإسرائيلية للقيادتين السياسية والعسكرية والتي لا تنفك توجه أسئلة كثيرة حول ما حققت الحرب على غزة للانتقال إلى لبنان، طالما الحياة مستمرة في الانفاق بتأكيد إحدى الرهائن المحررين، وطالما المواجهات مع حماس مستمرة، ويتواصل استهداف المستوطنات في غلاف غزة.
وتتخوّف المصادر من اتجاه لفرض الخطة الأميركية للجنوب وترسيم الحدود البرية بالقوة العسكرية من خلال حرب تدميرية.