Almarsadonline
ألمحامي لوسيان عون – كاتب سياسي
للمرة الأولى، في ذكرى ١٣ تشرين التي لم أنفك في الكتابة عنها كل عام وخاصة في مثل هذا اليوم المأساوي، سأكتب بقلم آخر، وفي خضم ظروف أخرى، انها حرب (لو كنت أعلم) التي تتكرر، وها نحن كشعب ندفع كل مرة أثماناً باهظة هي القتل والدمار والتشريد والتهجير والهجرة والإذلال.
سوف أكتفي اليوم بسرد وقائع عشتها بين ١٢ آذار ١٩٨٩ و ١٣ تشرين ١٩٩٠ يوم اجتياح قوات الاحتلال السوري بمساندة وحدات الجيش اللبناني بامرة قائده يومها العماد اميل لحود المناطق ( المسماة) الشرقية، ولقد كنت بصفتي ناشطاً في صفوف تيار العماد عون نقاوم الاحتلال ونتصدى له على كافة المستويات، كان سؤال يطرح علي كثيراً في هذه المنطقة وخارجها : “ما جدوى هذه الحرب العبثية في ظل عدم توازن القوى بين وحدات العماد عون المقاتلة وبين كل من القوات اللبنانية والجيش السوري والجيش اللبناني (الذي يأتمر بأوامر العماد اميل لحود) خاصة طوال المعركة التي امتدت بين شباط ١٩٩٠ و١٣ تشرين الاول ١٩٩٠ يوم الاجتياح الكبير.
كان سؤال صعب علي الاجابة عليه، وما كان مني سوى القول رداً عليه : ” الله معنا والحق كذلك والعماد عون يعلم على ما يستند اليه من قوى….. ”
ولكن، ما قررته القوى العظمى، وما توافقت عليه، وما توافق عليه حتى الخصوم (اسرائيل وسوريا) رفع الستار عن معطيات لم يدركها الكثيرون، ولم تنجلِ في ذهني الا عندما التقيت العماد عون يوماً في فرنسا في الهوت ميزون عندما قال لي حرفياً:” كنت أستند الى غطاء دولي انكسر فعلياً صبيحة ١٣ تشرين ١٩٩٠ لحظة علمت بأن طائرة السوخوي السورية سمح لها لنصف ساعة فقط من قبل أميركا وإسرائيل بقصف دائرتي القصر الجمهوري ووزارة الدفاع، وكانت رسالة واضحة مفادها أن الغطاء الذي كان معطى للمنطقة الشرقية رفع، وعلي الإستسلام وتسليم امرة القيادة الى العماد لحود الذي كان يومها يتولى قيادة الجيش”.
أستعيد هذه الوقائع اليوم بالذات لانه ما أشبه اليوم ب ١٣ تشرين ١٩٩٠ ، لان في ذلك عبر ليتعظ من صم آذانه وأغمض عينيه لأن مصالح الدول أهم بنظرها من التعاطف والدعم الآني لبعض الدول والاحزاب والمنظمات والافراد، عندها تبيع وتشتري، تفاوض وتقايض، ترفع الغطاء وتنقله من رأس الى آخر، وها هي معركة طوفان الاقصى وحسابات حماس والسنوار وحزب الله، حسابات الاسناد الهشة، حسابات وحدة الساحات، بل سوء تقدير القوى، والفشل في مواكبة التكنولوجيا التي باتت تتحكم بالحروب والمعارك، حيث لم تعد القوة تحتسب وفق عدد الدبابات والطائرات والمدافع والصواريخ والمقاتلين، بل في كفاءة العلماء والرؤوس والذكاء الاصطناعي، وبالتزامن عبرة أخرى حرب روسيا واوكرانيا التي أذهلت العالم، فأسقطت جبروت موسكو وعظمتها على جبهة أوكرانيا، أما العبرة فالاحدث منها التي امتدت منذ ٧ تشرين الاول ٢٠٢٣ حتى اليوم، والتي كانت كافية لاخذ الدروس،
أما اليوم ونحن على مشارف أطلال وأنقاض الجنوب والبقاع والضاحية المدمرة وربما احتلال جديد أوسع مما كان عليه قبل العام ٢٠٠٠، لا يكفي التمسك بالعزة والكرامة والتضحية بالابناء والآباء والاطفال والشيوخ، بل التمتع بشيء من الحكمة لكي لا تتحول مقاومتنا الى انتحار