باغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس يحيى السنوار، تعتبر تل أبيب أنها أقفلت حسابها معه قائدا لعملية ٧ تشرين الأول ٢٠٢٣، من دون أن يعني ذلك انتهاء الحرب في غزة. ذلك أن ملف الرهائن لا يزال مفتوحا، مع خشية إسرائيلية من أن يكون هؤلاء قيد التصفية الجسدية أو ربما طي الفقدان بعد سقوط الرأس المُدبّر لحماس وعدم اليقين لناحية خليفته على رأس الحركة. لكن هذا كله لن ينعي بالتأكيد الحرب الإسرائيلية على لبنان، وهي أصلا انطلقت بسبب ٧ تشرين الأول الغزّاوي. فتل أبيب ماضية، كما فعلت في القطاع، في سعيها إلى تصفية حزب الله وإنهاء دوره العسكري عبر اغتيال كوادره، توصّلا الى تطبيق القرار الدولي ١٧٠١ بالنار، حدّا أدنى. وهذا يعني أن العملية العسكرية ماضية، وفق المتوفر من المعطيات، حتى إخراج الحزب ومقاتليه وسلاحه من جنوب الليطاني، وربما حتى أبواب صيدا.
حتى الآن، تغيب الضغوط الدولية الجدية، ولا سيما الأميركية، لإجبار تل أبيب على إنهاء حربها، على الرغم من إعلان الحكومة اللبنانية رغبتها في وقف الحرب وفي تطبيق مندرجات القرار ١٧٠١، بما فيها تعزيز حضور الجيش جنوبا، عتادا وعديدا، وخصوصا عند الحدود مع إسرائيل. إذ لا يخفى الاتجاه الأميركي للاستثمار في الحرب القائمة بهدف تطبيق القرار ١٥٥٩ الذي يعني بالمفهوم الأممي نزع سلاح الحزب، وهو الحدّ الأقصى المأمول إسرائيليا، مع إدراك كل من واشنطن وتل أبيب محاذير هذا السعي لبنانيا، إذ لن يكون الحزب لقمة سائغة، وإقليميا مع الأخذ في الاعتبار أنه درّة التاج الإيرانية وأحد أبرز قصص نجاح الثورة.
وسط هذا المشهد المُعقّد، تزداد الحاجة اللبنانية إلى اختراق سياسي مُعتبَر في الملف الرئاسي. ولا تخفى الجهود التي تُبذل راهنا لتذليل العقبات، مع الحراك الذي يقوم به أكثر من طرف توصلا إلى إسم يُتفق عليه إذا أمكن، أو لائحة ثلاثية تشكل نواة أي جلسة انتخابية في مجلس النواب. وفي الكواليس أن اللائحة جاهزة، بالترتيب التفضيلي، يتقدّم فيها اسم وزير سابق سبق أن كان محل توافق مسيحي، وقد يصبح هو المرشح الـ “فاڤوري”. ويُنتظر الموقف الشيعي من هذا الحراك الرئاسي المسيحي، مع تسليم حزب الله رئيس مجلس النواب نبيه بري دفّة القيادة السياسية والتفاوضية. ولا يخفى أن ثمة مكانا واسعا لتحقيق الاختراق الرئاسي، وأن الأيام المقبلة قد تأتي بالخبر اليقين، سواء كان إيجابا أو سلبا، وعلى الأرجح قبل ٥ تشرين الثاني.