للحظة، شعر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ان الظروف تسير لمصلحته، وان اغتيال الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله سيفتح باب تراجع الحزب عن دعم فرنجية على قاعدة ان من اعطى الوعد الرئاسي قد رحل، وان تراجع وضعف “حزب الله” سيجعل امكانية ايصال رئيس غير الذي رشحه امرا واردا ولن يعود الفيتو الصادر من حارة حريك له فعالية جدية في الحياة السياسية الداخلية..
باسيل يريد رئيسا يستطيع ان يتحكم به، بمعنى اخر يريد ان يكون مجددا “رئيس ظل” كما كان في عهد عمه الرئيس ميشال عون، خصوصا ان احتمالات وصوله الى قصر بعبدا شبه مستحيلة بسبب معاداته لكل القيادات السياسية من دون استثناء، والعقوبات الخارجبة المفروضة عليه. ولذلك فإن الهدف الاساسي الذي يطمح اليه هو الاتفاق مع اي فريق سياسي على مرشح وسطي قريب منه بإعتباره بات بيضة القبان.
بعد التقاطع الشهير بين باسيل وقوى المعارضة سمى باسيل الوزير السابق جهاد ازعور بعد مفاوضات طويلة ولقاءات متعددة مع الرجل، لكن المرشح الوسطي، بين المعارضة وباسيل لم يستطع الوصول الى قصر بعبدا وبالتالي فإن التقاطع مع المعارضة ليس لديه اي فرصة بإيصال رئيس جديد، فإنتقلت خطة باسيل الى ضرورة التقاطع مع “قوى الثامن من اذار”، ولعل اغتيال نصرالله كان الفرصة التي لن تتكرر..
لكن معضلة كبيرة ستواجه باسيل في المرحلة المقبلة وتحديدا بعد انتهاء الحرب، اذ انه سيجد نفسه غير قادر على اقناع بري بالذهاب الى مرشح مشترك، وعندها ستظهر الخيارات الصعبة التي لا يريدها باسيل، فالخيار الاول المطروح هو الذهاب الى تسوية شاملة مع قوى المعارضة وهذه التسوية ستظهره ضعيفا لان المعارضة لا تريد باسيل الا ضعيفا وتابعا لها.
في هذه الحالة سيتوج باسيل هزيمته السياسية بوصول قائد الجيش العماد جوزيف عون الى قصر بعبدا وهو الخصم الاول لباسيل، اذ ان رئيس “التيار” يفضل وصول اي مرشح اخر غير عون، وهنا يظهر الخيار الاخر الصعب وهو الاتفاق مع قوى الثامن من اذار على اسم مرشح قريب من هذه القوى وليس منه هو، حتى لو لم يكن فرنجية.
الاهم في كل ذلك، ان باسيل خسر جزءا من كتلته النيابية في الاشهر الماضية وها هو اليوم يخسر رهاناته السياسي التي ظهرت بشكل آني خلال الايام الماضية وعليه، سيتجه الرجل منهكا الى الانتخابات النيابية حيث تراجعت شعبيته ليتحول عمليا من رئيس تيار سياسي كبير واساسي الى رئيس كتلة نيابية متواصعة غير مؤثرة في الواقع السياسي.