طرابلس “مزدحمة”… ليتها زحمة سيّاح
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
نشرت قبل أيام صفحة “فيسبوك” طرابلسية بأن ساحة النور تشهد زحمة شديدة، وربما يكون سببها السياح الذين يزورون المدينة هذه الصيفية.
كانت زحمة كبيرة عند دوار ساحة النور بالفعل، لكنّ هذا المنشور الساخر من الأوضاع، قابله متابعون بأسلوب ساخر أكثر وتهكّم واضح على المنشور وصاحبه. ومن التعليقات الطريفة لأحدهم: “وبينما أنا أمرّ من هناك منذ قليل، توقّف السير على الدوار، فاصطدمت سيارتي بسيارة مرسيدس بيضاء، وإذا به سائح إيطالي يدعى جان لويجي من إيطاليا.. رمى عليّ السلام وعرّفني بنفسه!”.
هذه المزحة تعبّر بوضوح عن واقع مؤلم، فالزحمة التي تشهدها طرابلس ليست زحمة سُيّاح، بل حركة كثيفة للسكان المحليين وسط فوضى تنظيمية وغياب تام للدعم السياحي الرسمي.
طرابلس، المدينة العريقة التي تملك مقومات سياحية وتراثية هائلة، تعاني من تهميش واضح من وزارة السياحة التي لا تذكرها في خططها وحملاتها الإعلانية. لا مهرجانات تُقام في المدينة، ولا فعاليات ثقافية تُروّج لها كوجهة تستحق الزيارة. كما تبدو المدينة وكأنها مقسومة إلى شطرين متناقضين: شطر عصري أكثر تنظيماً في منطقة الضم والفرز وتوابعها، بمقاهيها ومطاعمها الراقية، وشطر آخر يعاني الفقر والإهمال في أحياء التل، وباب التبانة، والقبة … حيث تنتشر الفوضى في الشوارع، وتملأ البسطات الأرصفة، وتنتشر عربات “التوك توك” والدراجات النارية، بلا أي تنظيم أو رقابة.
والأدهى أن الدولة تتعامل مع هذه الملفات الهامّة بـ “إجر لقدام وإجر لورا”. فَـ “يوم تُزال البسطات ويوم تعود، ويوم يُمنع فيه “التوك توك” ويوم يعود ليملأ الطرقات بلا حسيب أو رقيب”.
كل ذلك يدلّ على أن طرابلس لم تحظَ بالاهتمام المطلوب من السلطات الرسمية، ولا بخطط تنموية أو سياحية جادة تُعيد لها رونقها وتطورها. وتنتظر المدينة اليوم من بلديتها، أن تفتح الملفات الشائكة، وتبدأ بوضع خطط استراتيجية فعلية لحل المشاكل الكبرى، بما يعيد لطرابلس تنظيمها وجمالها، وانفتاحها على الداخل والخارج، لتصبح وجهة سياحية حقيقية.