افرام: سنناضل لشرق جديد لمفاهيم الحريات وحقوق كل مواطن

ألقى الملفونو حبيب أفرام رئيس الرابطة السريانية كلمة خلال حفل تكريمه من مديرية الثقافة والفنون في عنكاوا، العراق،  جاء فيها: “في أنها- عنكاوا- آخر الواحات التاريخ هو ظلّ الإنسان على الجغرافيا: هيغل أعود اليه– كأني الى رحم أعود – لأستمدّ منها جرعة تفاؤل وإيمان. قد نصل الى اليأس والإستسلام. ونقول لا حل. شعبنا خسر قضيته. مات مسيحيو الشرق يتلذذون بحكايات الأمس و التاريخ . ينقرضون. الشرق لا يليق بنا، ليس لنا، نحن مُعدّون للذبح والتهجير والتصدير. الأفضل جواز سفر الى بلاد الله لا أنظمة حرية ولا كرامة إنسان،  ولا مساواة، ولا إعتراف بالتنوّع، وفوق هذا، إرهاب وتكفير فأين المفرّ؟ عنكاوا، بعد جراح و حروب، تقدم نموذجاً مقبولاً، مدينة تكبر فيها أمن وإعمار، ويمكن أن تحافظ على من بقي من مسيحيي العراق. هذا التحدي الحضاري. أن يكون الشرق واحة حريات وقبولاً بكل التعدد هو قضيتي. وهوسؤال مطروح على كل القوى والقوميات والأنظمة، بل على العالم”.

وتابع: “كيف ندير التنوّع؟ وهل العيش الواحد الكريم ممكن أم مستحيل؟ وكيف نتغلب على الفكر الإلغائي؟ وهو سؤال مطروح بعمق علينا، بكل كنائسنا، بكل تنظيماتنا والأحزاب، هل نكتفي بالشعارات،  ونستمرفي إنقساماتنا المُضحكة المُبكية، على كل الصُعد. قبل أن نلوم ونتهم أحداً ونتبرأ من مصيرنا ، نحن، هذه الشعوب الشرقية المسيحية، بكل كنائسنا وطوائفنا ولغاتنا وتراثنا وتنوعنا، نحن مسؤولون عن يومنا وأمسنا وغدنا. نحن في عقلنا وإرادتنا في وعينا ماذا نريد؟ هل نؤمن حقاً وبعمق وبصراحة: أننا مؤتمون على رسالة ودور وأننا شهود على حقيقة في هذا الشرق؟ أم أننا إستسهلنا الحياة في الغرب، مع سيارات الفولفو في ستوكهولم، والبويك في ديترويت، والمرسيدس في ألمانيا، نفتخر بأننا بنينا 45 كنيسة في السويد، وأن إنتشارنا وصل الى الأرجنتين؟”

أضاف: “هل في بال كل منا جواز سفر جديد وهوية جديدة؟ نستميت للوصول إليها، شرعياً أم تهريباً ؟هل نحن مؤمنون بقضية ومستعدون لبذل كل غالٍ ورخيص من أجلها؟ وهل تستحق أي قضية أن نبذل دماً لها؟ ليس بإمكاننا نحن أن نفرض حلولاً، نحن أصغر من ذلك في العدد وفي النفوذ وفي الجغرافيا وفي التحالفات، ولكننا قادرون على الشهادة، على الدعوة لشرق جديد، لعقل جديد. إرادة العيش الحرّ الكريم لكل مكوّنات الشرق، فلا مواطن درجة أولى ولا ذمّية، ولا تكفير ولا إقتلاع ولا تهجير ولا جهاد. ليس مقبولاً بعد، أن يبقى الشرق هكذا، عائماً على خُرافاته، هل من المعقول أن تمرّ مراسلة لرئيس حكومة عراقية يصف فيها أبناء الرافدين وميزوبوتاميا من الآشوريين والسريان والكلدان  بالجالية المسيحية”.

وقال افرام: “من أين جاء بعلمه؟ هل من المعقول أن رئيس وزراء عراقي يقول أن “ملحمة جلجامش” كُتبت في ” صدر الإسلام ” من يمحو التاريخ؟ هل مسموح هذا التعرض وهذه المعاملة للبطريرك الكاردينال ساكو هل مسموح قضم مقاعد كوتا شعبنا النيابية؟ هل مسموح رفض أن يكون الميلاد عطلة رسمية؟ هل من المعقول أن هناك من يعتبر “سيفو” مجرد نزوح وليست مجازر أو إبادة ؟ هل من المعقول أن يستمر تغييب المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي في لغز لا حلّ له كأنهما المسيحية المشرقية المعلّقة على صليب، لا يعودان “بطلين مكرّمين” ولا “يستشهدان قديسّين” وأنا في حضرة هذه النخب التي أرادت تكريمي وأعادت طباعة كتابي عن مسيحيي الشرق، بدءًا من رفيقي الوزير آنو جوهر الحاضر في كل عواصم القرار الى مديرية الثقافة والفنون وعلى رأسها صديقي المناضل كلدورمزي، الى الإعلامي شمعون متّي ، الى كل من يحمل في عقله وقلبه نبض القضية، أدعو كما كل مرة الى تجاوز كل ما يفرقنا، وأن نعمل معاً، بقلب واحد على تعزيز حضورنا عبر وقف نزيفنا ، على المحافظة على كل فرد منا هنا في الشرق، من نينوى  ودهوك، الى القامشلي وحلب، الى بيروت، الى طورعابدين، وعلى توجيه إغترابنا على وعي أن قضيتنا هنا”.

وختم: “رسالتي منذ حملت قضية هي نفسها. ونحن جيل التعب والقرف، إننا لن نموت قبل أن يأتينا الموت، وسنناضل لشرق جديد لمفاهيم الحريات وحقوق كل مواطن. هنا يُصنع تاريخ البشرية أيضاً كيف نحيا معاً. ونحن نستحق الحياة ، وحياة أفضل. بتواضع، أطلق صرخة وجع أن نتعالى على أنقساماتنا و تخلّفنا وتفاهاتنا ونحاول إنقاذ من بقي وما بقي، أدعو الى إختراع روح جديدة الى مواطنة كاملة، كيف يكون مثلاً أوباما رئيساً في الولايات المتحدة، وريشي سوناك من أصول هندية رئيس وزراء في بريطانيا العُظمى، متى يًنتخب إبن الشرق على كفاءاته وعلومه وفكره دون هيمنة طرف أو دين أو مذهب أو قومية! مع تقدّم إقتصادي وإزدها، لو صُرف ربع ما أُنفق على السلاح والإقتتال والغدر في هذه المنطقة على شعوبها وطبابتهم وعلومهم و عمرانهم لكانوا في نعيم الجنّة الآن. هكذا نقول لكل مشرقيّ ، أنت هنا ملك، على أرضك التاريخية، أنت الأصل. أنت مسؤول عن غد نصنعه كلنا . أقلّ من هذه الرؤية، سنبقى ننزف ونُهجّر ونتذابح، فهل نخترع الرجاء والأمل، أم تقوى علينا جحافل الموت؟”